meta name='verify-v1' content='ZReoKhyj7ixYbBIg3hfD+0FFKV/CWqZBpHaXFbJmO3s=' > Mohamed El Tabei "Prince of Journalism": خواطر . . . رأس السنة بقلم محمد التابعى

20‏/12‏/2009

خواطر . . . رأس السنة بقلم محمد التابعى

نقترب هذه الأيام من أعياد عيد الميلاد المجيد و رأس السنة الميلادية، و المقالة التالية للتابعى هى خواطر و ذكريات عن تلك الأيام، بعضها طريف ..أتساءل هل تغيرنا كثيرا فيما نعرفه و ما نجهله؟؟a

( الأخبار 1 يناير 1960 )

يوميات الأخبار
يكتبها اليوم : محمد التابعي
خواطر . . . رأس السنة
كل عام و انتم جميعا بخير و عافية . . فاليوم رأس السنة الميلادية
و نحن جميعا – حكومة و هيئات و أفرادا – نؤرخ المراسلات و الحوادث بالشهور الإفرنجية و السنين الميلادية . . و الصحف فقط و بعض الهيئات الحكومية – لا كلها – هي التي تذكر التاريخ الهجري من شهر و سنة و التاريخ القبطي إلي جانب الشهر الإفرنجي و السنة الميلادية . .
بل إن الكثيرين منا لا يحفظون أسماء الشهور العربية . .
و قليلون جدا هم الذين يحفظون أسماء الشهور القطبية . .
أما في مراسلاتنا الخاصة فنحن نكتفي بكتابة التاريخ الميلادي .
و تاريخنا كله . . إما قبل الميلاد . . و إما بعد الميلاد ، ولا ذكر فيه لسنة كذا قبطية أو سنة كذا قبل الهجرة أو بعد الهجرة . .
و ربما كان السبب في هذا أن الذين حققوا تاريخ مصر و كشفوا عن أثارها القديمة و فكوا رموز الهيروغليفية و وثائق أوراق البردي كانوا جميعا من الفرنجة . .
***********
و نحن نحتفل بعيد ميلاد السيد المسيح علية السلام . . و نحتفل بعيد رأس السنة الميلادية .
و الحكومة وحدها و بعض الهيئات هي التي تحتفل بعيد ميلاد النبي عليه الصلاة و السلام و بعيد رأس السنة الهجرية .
و قليلون جدا من الأفراد الأتقياء الصالحون هم الذين يحتفلون بهذين العيدين .
و لعل السبب هو إننا نميل بطبيعتنا إلي البهجة و المرح . . و في احتفالات الأجانب و إخواننا المسيحيين بأعيادهم كثير من البهجة و المرح . .
أما أعيادنا نحن – و اقصد أعيادنا الدينية – ففيها شيء غير قليل من الكآبة و التزمت . . بل فيها بكاء و نواح . .
و في بيوت كثيرة في صباح يوم عيد الفطر أو عيد الأضحى . . يرتفع صرا و عويل . . و ضرب و لطم و نواح على ( سبع البيت ) الذي طواه الموت . . أو ( فايت لي دول لمين يا جملي ) .
و ( دول ) هم الأطفال الصغار !
أو ( يا خراب البيت من بعدك ، يا أبويا . . أو يا اخويا . . أو يا غالي ! إلي أخره . . .
ثم يركب الجميع عربة إلي المقابر لكي يمضوا يومهم – يوم العيد – في البكاء و النواح و ذكر الفقيد العزيز .
و هذا وفاء ، ما في هذا شك .
و لكنني اشك في أن .................... كثيرا أو قليلا بهذا الوفاء . . الكئيب . . و من هنا ينشأ أطفالنا و صغارنا و قد انطبعت في نفوسهم و ذاكرتهم صورة حزينة كئيبة عن أعيادنا نحن المسلمين .
*****************
و لسنا وحدنا في عدم ............. بأعيادنا . . و انظروا إلي الفنادق الكبيرة و المطاعم المشهورة و الدور التجارية في عاصمة البلاد ، القاهرة .
هل بينها من يحتفل أو يقيم زينة ما بمناسبة مولد النبي عليه الصلاة و السلام أو بمناسبة رأس السنة الهجرية ؟
هل بينها من يقدم طعاما خاصا بمناسبة أحد هذين العيدين ؟
هل بينها من يقيم حفلة ساهرة . . ! هل بينها من يعرض زينات خاصة أو بضائع خاصة في واجهة محله التجاري . . بمناسبة عيد مولد نبي الإسلام أو رأس السنة الهجرية !
كلا . . لأن الاحتفالات كلها و الزينات كلها . . و البرامج و السهرات الخاصة كلها . . و الواجهات أو ( الفترينات ) المنظمة تنظيما جميلا بمعروضاتها الخاصة كل أولئك مقصور على عيدي الميلاد و رأس السنة الميلادية . .
بل أن عيد ميلاد السيد المسيح عند إخواننا الأقباط و الكنيسة الشرقية لا يحظى بنصيب ما من هذا الاهتمام !
الاهتمام كله مركز على العيدين عند الأجانب و الطوائف الغربية !
****************
ثم أعود إلي الذكريات . . .
منذ نحو عشرين عاما كتبت في رأس السنة . . أول يناير . . السطور التالية . . .
يومان في ل عام كنت أقضيهما في الفراش و فوق رأسي كيس من الثلج أحاول إن اخفف ببرودته ما خلفته السهرة فر رأسي من نار و بخار !
19 مايو . . أي غداة الاحتفال بذكرى – ولا أقول عيد – مولدي لأن أصدقائي متفقون على أن مولدي ليس بالحادث الذي يحتفل به أو الذي نشرب بمناسبته الأنخاب .
و اليوم الأخر هو أول يناير .
أما في العام الماضي فقد استقبلت صباح 19 مايو و في قلبي – لا فوق رأسي – تقل من الثلج خلفه أمل خاب . .
و كان يوم 19 مايو بالذات هو يوم الوادع و يوم الفراق .
و اليوم – أول يناير – اجلس إلي مكتبي في الصباح الباكر و رأسي أصفى و ابرد ما يكون فقد كنت أقسمت أن امضي ليلة رأس السنة في مسكني وحدي و أن استقبل العام الجديد بعزم جديد . .
و سحبت نفسي إلي مسكني . . و أنا أعيش بمفردي . .
و النور الخافت الذي أضأته كان يلقي ظلالا ثقيلة من الذكريات . .
و ما أمر الوحدة عندما يحس المرء منا أن كل عام جديد يدنيه خطوة من خريف الحياة !
و أمام المدفأة تراخيت في مقعد كبير ، و أدرت مفتاح الراديو و إذا بالمذيع يقول أنه باق على استئناف البرنامج لحظات سوف يملؤها باسطوانة للآنسة ( أم كلثوم ) .
و لقد شاء ذوق المذيع أن يختار أغنية ( ياما أمر الفراق ) !
و كان يمكنه – و الليلة رأس السنة أن يختار مثلا ( افرح يا قلبي ) أو ( يا بهجة العيد السعيد ) . . و لكنه اختار ( ياما أمر الفراق ) .
كأنما النور الخافت و الوحدة و القلب الكسير كانت تحتاج في انسجامها إلي هذا اللحن الحزين!
ياما أمر الفراق . . و تفتحت عيون الذكريات !
***************
كانت هذة أول مرة امضي فيها عيد رأس السنة في مصر . . منذ خمس سنوات .
و ها أنا أمضيه وحدي . . أنا الغريب في بلدي . . الغريب بين الأهل و الأصحاب ، و من وراء غلالة من الدمع المحبوس مر شريط طويل من الصور . . بعضها هنا في مصر . . و معظمها هناك عبر البحار . .
في باريس و في لندن ، و في زيوريخ و سان موريتز ، و بال و بودابست و برلين و انسبروك و بروكسيل و برجن و اوسلو ، و نيويورك . . بل في ترنيتداد بجزر الهند الغربية .
صور و صور . . و كل صورة منها كانت صفحة من كتاب الحياة و قد كتبتها بدم قلبي .
و ها هو ذا القلب قد جف أو كاد . . فهل في مداده القاني بقية لكتابة سطر واحد جديد ؟
**************
و دقت الساعة الحادية عشرة . . .
ساعة واحدة باقية على مولد العام الجديد ، ساعة واحدة ثم تطفأ الأنوار لكي يتبادل المحبون الأماني و الآمال . . و القبلات .
و ما أنا في حاجة إلي إطفاء الأنوار . . فإن قلبي مغمور في الظلام .
**************
و هذة السطور كتبتها كما قلت منذ نحو عشرين عاما . . أي قبل أن أتزوج و ارزق بطفلين و الثلاثة هم الآن عندي كل شيء في الحياة و الحمد لله .
*************
ثم انقل القراء بعض ما كتبه مصطفى أمين في العدد نفسه من أخر ساعة و منذ نحو عشرين عاما . . و لم يكن قد أكمل بعد السابعة و العشرين من عمره ! قال : -
أقبل رأس السنة و قلبي معتنق مذهب لينين و ستالين أي المبادئ الشيوعية في الهوى و الغرام فقد كنت أقمت على قلبي خط ماجينو يمنع الغزو و يقف دون المغرين ، ثم سقطت ( قلعة ) قلبي في يد الغزاة و الفاتحين فاستعبدها البعض و أذلها الآخرون ثم تحرر قلبي من الهوى و الهوان و زال استعباد الفرد ليحل مكانه استعباد المجموع !
و لي ثلاث صديقات أحبهن جميعا و لست اعرف من المفضلة عندي ، فالأولى أجملهن و الثانية أذكاهن و الثالثة ارشقهن ، و لو كان الثلاثة واحدة لكانت المرآة الكاملة الوحيدة في الوجود . . .
و كان الموعد الأول في فندق مينا هوس و الحضور بسترة الفراك . . و كان الموعد الثاني في فندق هليوبوليس بمصر الجديدة و الحضور بسترة السموكن . . و الموعد الثالث في المعادي و الحضور بالملابس العادية .
و حرت بين المواعيد الثلاثة . . و النساء الثلاث . .

و أخيرا قررت أن اعتذر عن عدم الذهاب إلي المواعيد الثلاثة ، و أمسكت بالتليفون و قلت للأولى أن هناك أزمة وزارية . . و قلت للثانية إنني مشغول بأخبار الغزو الألماني لإيطاليا . . و قلت للثالثة أن وزير الأوقاف قد استدعاني ليعطني تصريحا عن أوقاف المسلمين .
****************
و ذهبت أنا و صديقي كمل الشناوي إلي صالة بديعة مصابني و جلسنا وحدنا نتطلع إلي وجوه الفتيات الراقصات كما يتطلع الجائع إلي طعام وراء زجاج فترينة مطعم مشهور .
و دقت الساعة الثانية عشرة و أطفئت الأنوار وحدث هرج و مرج ، و طرقعت القبلات و تلفت حولي لأجد وجها اقبله فلم أجد سوى كامل الشناوي . . و ترددت هل اقبله أو لا ؟
و أقنعت نفسي أن عملا كهذا هو الذي يسميه القانون ( فعل علني فاضح في الطريق العام )
ثم أضيئت الأنوار . . .
و لكنني أحسست كأن الظلام لا يزال . . فقد أضيئت الأنوار في عيون جميع الجالسين في صالة بديعة ماعدا عيني . . كأن الظلام يزداد حلكة ، و كانت عيناي تبكيان بلا دموع ، و كأن في قلبي مأتم على الذكريات .
كانت هذة أول سنة بعد سبع سنوات لا افتتحها بقبلة حارة على شفتين حارتين . . و كانت هذة أول سنة لا اشترك في ضجيج الراقصين . . و كانت هذة أول مرة اشعر فيها إنني أعيش حقا على ( هامش الحياة ) .
و مرت أمام عيني . . . قبلاتي السبع الماضيات في نيويورك و واشنطون و روما و المحيط الأطلسي . . و . . و . . غيرها . . هذة القبلات التي كانت ( الباروكة ) التي أتبرك بها كل عام ! .

محمد التابعي .

ليست هناك تعليقات: