meta name='verify-v1' content='ZReoKhyj7ixYbBIg3hfD+0FFKV/CWqZBpHaXFbJmO3s=' > Mohamed El Tabei "Prince of Journalism": نوفمبر 2009

13‏/11‏/2009

استقبال السائحين بالطبل و المزمار !

من مقالات التابعى فى أوائل الخمسينات و كأنها كتبت أمس
--------------------------
--------------------------
---------------

من أسبوع لأسبوع
بقلم : محمد التابعي
استقبال السائحين بالطبل و المزمار !

يبدي ولاة الأمور اهتماما مشكورا بتنشيط السياحة و حسن استقبال السائحين .
و لقد ذهبوا في اهتمامهم – أو حماستهم – إلي حد الابتكار و التجديد . . . و إدخال ألوان جديدة على فن الدعاية السياحية لم تسبقنا إليها دولة من الدول التي يقصد إليها السائحون بالآلاف و ينفقون فيها عشرات الملايين . . .
إلي هنا و اعتقد انني قد وفيت هذا ( الابتكار و هذا التجديد ) حقهما من التنويه ؟!
لقد رأى ولاة الأمور أن يستقبلوا السياح بالموسيقى . . و أن يستقبلهم محافظ الإسكندرية . . و أن تقدم لهم طاقات الزهور . . . و أن يغادر وزير للإرشاد القومي مكتبه لكي يستقبلهم في حفلة شاي أو يرافقهم في الطواف هنا و هناك . . .
و فرنسا التي يبلغ دخلها السنوي من السياحة أكثر من ثلاثمائة مليون من الجنيهات لا تفعل هذا ولا شيئا من هذا . . . فلا هي توفد فرقا موسيقية ولا هي توفد محافظ مرسيليا أو عمدة شربورج أو الهافر أو كالية لاستقبال السائحين . . .
و مثلها ايطاليا التي لا يقل دخلها السنوي من السياحة عن دخل فرنسا . . . و لا سويسرا ولا النمسا . . . ولا أي بلد من البلدان التي يقصدها السائحون بالآلاف و عشرات الآلاف . . . و يمضون فيها الأسابيع بل الشهور . . .
و ليس معنى هذا انني أريد أن ابخس هذا الابتكار أو الاختراع المصري السياحي الجديد حقه من الثناء و لكنني أريد أن أقول إن الاستقبال الموسيقي لا يقدم ولا يؤخر . . و أن استقبال محافظ الثغر و كبار موظفي الدولة للسائحين لا يقدم ولا يؤخر . . . و أن السائحين الذين يفدون على مصر – و بالرغم من هذا الطبل و المزيكة – لا يقيمون في مصر سوى أيام قليلة . . . و أن معظمهم يزورون القاهرة يوما أو يومين ثم يعودون إلي الباخرة . . . و القليل جدا منهم من يزور الأقصر و يبقى فيها أربعة أو خمسة أيام . . ثم يعود الجميع إلي الباخرة و يغادرون مصر على أنغام الموسيقى و تحيات محافظ المدينة . . . حاملين معهم – كما نرجو – ذكرى طيبة عن لطف و مجاملة السلطات المصرية . . . و تاركين وراءهم اقل قدر ممن من العملات الصعبة أو الدولارات التي نحن في اشد الحاجة إليها . . . و هي التي أوحت – فيما اعتقد – بهذا الابتكار و التجديد !
****
ثم أحب أو أتسال – من غير أي مساس أو انتقاص من قدر هذا الابتكار و التجديد – أحب أن أتسال هل سيصبح هذا الاستقبال الموسيقى الرسمي سنة مقررة .. كلما دخلت ميناء الإسكندرية باخرة تحمل عددا من السائحين ؟
و ما هو الحد الأدنى لعدد عن السائحين الذين لهم الحق . . . في هذا الاستقبال ؟
هل يجب أن لا يقل العدد عن خمسمائة سائح وألا . . . فلا طبل ولا زمر ولا محافظ في استقبالهم ؟
أم أن هناك ( كادرا ) للسائحين ؟
و إذا كان عددهم مثلا ثلاثمائة اكتفينا بإيفاد وكيل المحافظ . . و فرقة موسيقية مكونة من طبلتين اثنتين و ثلاثة مزامير . . .
أما إذا كان العدد مائة فانة يكتفي في استقالتهم بحكمدار المدينة . . . و طبلة واحدة و مزمارين ؟
و بصرف النظر عن أي استقبال موسيقي لأي عدد يقل عن الخمسين ! . .
و اعترف انني اسخر . . . و لكنني اعتقد أن من حقي كمصري و كصحفي أن أقول ما اعتقد انه حق ، حتى ولو لم يسر به أصحاب هذا الابتكار و التجديد !

*****
خير و أولى أن تبحثوا و تسالوا لماذا يقبل السائحون بالآلاف على زيارة فرنسا و ايطاليا و غيرهما . . . و يمضون في زيارتهم الأسابيع و الشهور ؟
و لماذا يختصر السائحون مدة زيارتهم لمصر ولا يبقون فيها سوى أيام معدودة ؟
ماهي أسباب الراحة التي يجدونها هناك ؟ . . و أسباب التسلية و البهجة و الاستمتاع التي يجدونها هناك و تغريهم بالبقاء أطول مدة . . .
. . . و أسباب الملل و السأم و التعب التي يجدونها هنا في مصر و تحملهم على اختصار مدة إقامتهم بيننا ؟
أريحوا فرق الموسيقى . . . و أريحوا المسكين محافظ الإسكندرية . . و اتعبوا أنفسكم و مستشاريكم الفنيين في البحث و لو قليلا عن أسباب نجاح السياحة هناك و فشلها هنا ؟ . . و لماذا يبلغ دخل السياحة هناك عشرات الملايين .. . ولا يبلغ دخلها هنا عشرات الألوف ؟!
و لماذا انصرف السائحون عن مصر . . . و اقبلوا على مشاتي و مصايف الريفييرا ( في فرنسا و ايطاليا ) . . . و على روما و باريس ؟ . .
انصرف السائح عن مصر لان مصر أرادت منه أن ينزل على شروطها . . .
و اقبل على فرنسا و ايطاليا لانهما قبلتاه على شروطه هو . . . و لم تحاول أحداهما أن تفرض عليه أحكام ابن حنبل !
سائح اليوم – و كل يوم و كل عصر – يطلب التسلية و المتعة و أن يقضي إجازته خارج بلاده في مرح و سرور . . . و لكننا نريد من كل سائح يزور مصر أن يلبس عمامة كبيرة . . . و أن يستغفر و يحوقل و أن يعد على مسبحة طويلة أسماء الله الحسنى . .. و الصفات الطيبات التي ينبغي أن يتحلى بها عبيد الله المؤمنون المتقون !
و إحنا مالنا ؟ !!
مالنا نحن إذا سكر السائح أو لعب القمار أو بات ليلته يرقص حتى الصباح ؟!
و لكن ! . . ممنوع الشرب الساعة كذا ! . . . و ممنوع رقص كذا و كذا . . . و ممنوع الرقص بعد الساعة كيت ! . . و ممنوع منعا باتا كافة أنواع القمار ! . . و أغلقي يا حكومة هذة الكباريهات ! . . و أغلقي يا حكومة هذة الحانات ؟ . . و أين يا حكومة بوليس الآداب و كيف يسمح بهذا الرقص لهؤلاء الراقصات ؟
ولا بأس في هذا كله ، بل هو واجب بالنسبة للرعايا المسلمين . . . أو المصريين على وجه العموم . . . و لكن لماذا نفرض أحكام ديننا و تقاليدنا على هؤلاء الأجانب السائحين ؟
لقد اقترحت منذ سنوات أن تصرح الحكومة بإنشاء ( كازينوهات ) في مصر الجديدة و القاهرة و حلوان و الأقصر . . . تباح فيها أنواع القمار . . . على أن يكون دخولها مقصورا على الرعايا الأجانب . . . و محرما و ممنوعا على الرعايا المصريين .
و أن دخول قاعات اللعب – القمار – يصرح به للذي يبرز جواز سفره المثبت لرعويته الأجنبية .
كتبت في هذا فقامت قيامة بعض حضرات رجال الدين و اتهموني بالكفر و انني فاسق . . . إلي أخره .

*****

و بعد . . . يخدع نفسه من يظن أن جمال الجو أو اعتدال الجو هو كل شئ . . . و أن شتاء مصر وحده – وو حده فقط – كفيل أو يجب أن يكون كفيلا باجتذاب السائحين و إغرائهم بالبقاء اطل مدة ممكنة .
هذا خطأ . . . فان جو باريس مثلا في الشتاء لا يطاق . . . و أما جوها في الصيف فانه لا يحتمل و جو مصر ارحم منه بكثير .، و مع ذلك فان باريس دائما مزدحمة بالسائحين في الصيف و في الشتاء .. .
و حر روما في فصل الصيف لا يقل – إن لم يزد – عن حر القاهرة و مع ذلك فقد كانت روما في شهر يوليه الماضي مزدحمة بآلاف السائحين و كانت جميع فنادقها محجوزة غرفها لعدة أسابيع قادمة !
و الريفييرا – الفرنسية و الإيطالية – جوها في الشتاء كثير الزوابع و الأمطار . . . و في الصيف شديد الحرارة ثقيل الرطوبة . . . و مع ذلك فإنها تعج في الشتاء و الصيف بعشرات الألوف من السائحين . . .
أن السائح لا يطلب الجو الجميل – اللهم إلا العجزة و المرضى بين السياح و هم القلة – و لكنه يطلب التسلية و الانشراح .
و الذي يزور الأقصر ينتهي من زيارة الآثار في يومين اثنين ولا يجد بعدها ما يعمله . . أو يحمله على البقاء . . و متى حلت الساعة الخامسة مساء اضطر أن يلزم الفندق الذي يقيم فيه ، فليس هناك مسرح أو دار للأوبرا . . أو حتى سينما نظيفة . . . أو كباريه أو صالة رقص أو كازينو يمضي فيه سهرته . . . لا شئ من هذا . . فلماذا يبقى السائح في الأقصر ؟ . . بل لماذا يزورها على الإطلاق ؟! . . . من اجل الآثار ؟ ليس في الريفييرا أو على شاطئ نورمانديا أو سو يسرة أثار قديمة تزار و مع ذلك فان عشرات ألوف السائحين يترددون عليها في كل عام . . .
أن الاعتماد على جمال الجو و روعة الآثار خرافة . . و يحسن بالمسئولين أن يهضموا هذة الحقيقة . . و أن يبنوا سياستهم السياحية على الحقائق لا على الخرافات . . و أولى هذة الحقائق انه إذا أرادات مصر أن تسترد مكانتها في دنيا السياحة و أن تنافس الريفييرا و شواطئ نورمانديا و مشاتي و مصايف ايطاليا و النمسا فعليها أن تفعل ما تفعله هذة البلدان و هو أن تقبل السائح على شروطه هو . . لا شروطها هي التي تمليها جماعة الحنابلة و المتزمتين . . و إلا فكل مجهود نبذله عبث . . . مهما عزفت فرق الموسيقى و مهما سخا و أسرف محافظ الإسكندرية في الابتسام و الترحيب .
****


و بقيت كلمة أخرى أو كلمة أخيرة . . .
لقد نشرت على صفحة ( بريدي ) خطابا جاءني من ( سعودي ) و هو يشكو من سوء المعاملة التي يلقاها السعوديون ، و ليس السعوديون وحدهم الذين يشكون من قسوة المعاملة و سوء الاستقبال . . بل يشاركهم في هذة الشكوى إخواننا من لبنان و سوريا و العراق . . و لقد كتب إلي احدهم مرة يقول :
( يظهر إن موظفي الجمارك و إدارة الجوازات في مصر يعتقدون أن كل لبناني أو سوري يزور مصر هو تاجر حشيش . . و كل سعودي يزوركم يشتغل بتهريب الذهب ! ) . .
و مصر تهتم اليوم بالسياحة لأنها مصدر من مصادر الدخل القومي . . و لأنها و بصفة خاصة مصدر طيب للعملات الصعبة مثل الدولار و الإسترليني .
و اللبنانيون عندهم كافة أنواع العملة الصعبة ، و عند السعوديين الدولارات الأمريكية متوافرة . . و هؤلاء و هؤلاء كانوا يقبلون على زيارة مصر و لكننا أساءنا معاملتهم و كرهناهم في زيارة مصر فانصرفوا عنا . . .
و هم اليوم – و في هذا العهد الجديد المبارك – يودون أن يصلوا ما انقطع . . و هم لا يطلبون منا أن نوفد فرقا موسيقية لاستقبالهم في المطارات و المواني ! !
كلا . . كل ما يطلبونه أن نحسن معاملتهم و أن لا ننظر إليهم كما ننظر إلي مهربي الذهب و تجار الحشيش.

08‏/11‏/2009

التركية ترقص و تصلي (و احاديث أخرى ) : بقلم محمد التابعى

التركية ترقص و تصلي (و احاديث أخرى ) : بقلم محمد التابعى


استانبول – بالتلغراف – 3 مايو 1945

بين كل ثلاث نساء تراهن في استانبول لابد أن تجد واحدة منهن أميرة ، و غالبا ما تكون هذة الأميرة رومانسية ، حسناء ، شقراء ، فيها فتنة و سحر و جمال ، و يبدو عليها بسبة من نعمة ، و اثر من مجد قديم و تجد كل واحدة من هؤلاء الأميرات عليها مسحة من العظمة ، كذكرى أيام ذهبت و غالبا لن تعود .
مسكينات أنهن يعشن في الأمل و الخيال ، هؤلاء هن الحالمات اللاتي تحسب الواحدة منهن أن المعجزة ستحدث و تعود لها الثروة و المجد و القصور الضخمة و الخدم و الحشم . . . أما الأميرات الذكيات اللاتي يعرفن حقيقة الحال ، و يعرفن أن الأرستقراطية لن تعود إلي رومانيا من جديد ، فهن يعشن مغمضات العيون ، يحملن بالماضي و ما فيه من مجد و بذخ و لهو .
قالت لي واحدة منهن أنها كانت من أصدقاء الماريشال أنطونكور ذلك الدكتاتور الذي أحنى له الرومانيون رءوسهم ، و الذي ظن إن الدنيا أقبلت عليه و لن تذهب .
و الذي كان يحسب أن يحمله باق على الزمن ، و انه في رومانيا و انه أقوى من هتلر في ألمانيا و من موسوليني في ايطاليا . . . و في غمضة عين هوى الديكتاتور . . . و تلفت لم يجد نصيرا . . . و انقلب الشعب الهاتف بحياته إلي هاتف بسقوطه . . . و تحول حراسه إلي سجانيه ، و اضطرت محدثتي الأميرة أن تهرب من المدينة ، ثم من البلد كله خشية غضب الجماهير و لم تأخذ معها إلا المجوهرات و الفراء . . .
و لكنها بدأت تبيع مجوهراتها لتعيش . . . و سيأتي يوم قريب لا تبقى لها إلا الذكريات ، و هي لهذا تريد أن تبحث عن عمل . . . و قد فكرت أن تبيع أخر ما تملكه من المجوهرات لتفتح مطعما في استانبول ، و لكني اقترحت عليها أن تفتح مطعما في القاهرة و أكدت لها أنها ستنال نجاحا عظيما . . . و تصور لو فتحت محلا ( للحاتي ) و جلست سمو الأميرة على الكيس ، فإن كثيرا من أبناء الذوات في مصر سيفضلون أن يأكلوا اللحم غير الجيد من يدي صاحبة السمو الملكي ، على أن يأكلوها من يد المعلم محمود في محل الحاتي المعروف ، و من يعرف لا يمضي على سموها في المحل بضعة أسابيع ، و يتقدم أحد شبابنا الوارثين و يحبها و يتزوجها . . .
لأن كثير من الوارثين عندنا يحبون الألقاب الضخمة و الأسر العريقة ، حتى و لو كانت صاحنتها لا تملك من حطام الدنيا إلا محل يبيع الكفتة و الكباب.

المدينة الجديدة
------------------
و بلا شك أن أكبر نجاح لنهضة الأتراك أنها حولت المرآة التركية من حياة الحريم إلي حياة المرآة الجديدة ، أنك تجد التركيات عاملات في المحلات التجارية و موظفات في البنوك و موظفات بكثرة في الحكومة ، و تدخل الجامعات فتجد مئات الفتيات إلي جانب الشبان ، لا تجد حجابا واحدا فوق الوجوه ، و في تركيا أكثر من عشر نساء عضوات في البرلمان . . . و تجد طبيبات معروفات و عالمات . . . و أستاذات في الجامعة و ندخل محلات الرقص فنجد فتاة تركية تراقص شابا تركيا دون أن يحمر وجهها خجلا و دون أن تتلفت يمينا و يسارا خشية أن يضبطها أبوها أو أخوها في هذا الوضع المعيب .
و لكن لاحظت أن بعض الأسر القديمة في الريف – و هذا بنسبة واحد في الألف لا تزال تعارض في هذا ( المودرترم ) ففد كنت أزور أمس أسرة تركية من أقدم أسر استانبول ، فلاحظت أنها لم تتأثر كثيرا بما تراه خارج البيوت . . .
لا تزال الفتيات تحمر وجوههن عندما يلتقين بشبان أغراب ، و لا تزال نجد فتاة تحني رأسها إلي الأرض و هي تتحدث إليك . . . بل لقد حدث أن تقدم أحد الوزراء المفوضين الأجانب معنا في السهرة و أراد أن يقبل يد سيدة تركية كبيرة السن كما جرت التقاليد الأوربية ، و إذا بالسيدة التركية تسحب سريعا و تقول بالتركية .
أستغفر الله أفندم – أستغفر الله .
و أحب أن أقول إن هذا في الأسر الريفية و هي أقلية تافهة ، أما أسر العمال و الطبقة المتوسطة نزعت الحجاب و أصبحت المرآة التركية لا تقل حرية عن المرآة الأوربية و لاحظت شيئا أخر ، أن السفور لم يغير من تمسك الأتراك بالدين ، فقد رأيت فتاة ترقص في أحد الملاهي و في الوقت نفسه تصلي ، و عجبت عندما قالت لي : أنها لا تجد تعارضا بين الرقص و الصلاة ، بل يقولون هنا – أن الاختلاط رفع مستوى الأخلاق .
و كان من السهل على الشباب أن يقبل فتاة متحجبة من أن يقبلها بعد أن رفعت الحجاب ، بل أكثر من ذلك يقولون أن نسبة سقوط الفتاة في العهد الماضي كانت أكثر كثيرا مما هي الحال الآن حيث استطاعت الفتاة أن تحافظ على نفسها بفضل تعودها الاختلاف و بفضل تعليمها ، و جلست ذات ليلة مع سيدة تركية كبيرة تدعى صباح هانم ، فقصت علي قصة أتاتورك مع عبد الملك حمزة بك وزيرنا المفوض في أنقرة سابقا ، و ذكرت لي ذات يوم كانت المفوضية المصرية تحتفل بعيد ميلاد الملك فؤاد ، و في صباح اليوم أصيب عبد الملك بك في حادث سيارة ، فلما علم رئيس الجمهورية بالحادث أسرع إلي المفوضية فقابله عبد الملك بك و هو مربوط الرأس ، فقال له رئيس الجمهورية : أذهب أنت إلي الفراش لأنك في حاجة إلي الراحة ، و أنا الذي سأتولى استقبال المدعوين إلي المفوضية نيابة عنك . .
و هكذا بقي أتاتورك في المفوضية يستقبل المدعوين ، يعاونه في ذلك توحيد السلحدار بك السكرتير الأول بالمفوضية .
قلت لها : - كان أتاتورك رجلا عظيما . . .
قالت : نعم . . . إنه عرف كيف يكسب إعجاب الجميع و حبهم و احترامهم .
۞۞۞

الغلاء في تركيا .
-------------------
و تشبه استانبول القاهرة في أنها تعاني أزمة إطارات السيارات ، و في أن الصحفيين يشكون من قلة الورق و كثرة القراء ، و يبلغ ثمن كيلو اللحمة العحالي جنيها مصريا .
و كنا نسمع أن الأدوية الألمانية موجودة في تركيا بكثرة ، و كنا نكلف أصدقاءنا الذين يسافرون إليها بإحضار الأدوية ، التي أخنفت من أجزخانات مصر و لكني فوجئت بأن الأدوية الألمانية اختفت .
و قد كان معالي حنفي محمود بك وزير التجارة يقول دائما : أنه يريد أن تسافر إلي تركيا لاستحضار الأدوية الألمانية التي تعود عليها و أظن أنه لا داعي لحضوره الآن .
۞۞۞

المصريون في تركيا .
-----------------------
و يقيم في تركيا الآن عدد من المصريين أو عدد من الشخصيات اللاتي كانت تقيم في مصر . . فهنا توجد بلقيس ملكة الجمال التركية التي تزوجت في وقت ما من قيلليني فهمي باشا ، و هي تروي عن مصر حكايات تشبه حكايات ألف ليلة و ليلة ، . . و هي تريد أن تعود إلي مصر و لكنها لا تجد طريقا للعودة . . .
و يقيم أيضا هنا أبو بكر راتب بك الرياضي المصري المعروف ، و يتحدث التركية بطلاقة كأنه تركي قح . . .
و قنصل مصر في استانبول هو الأستاذ علي مرعي ، و مع أنه لم يمض عليه سوى وقت قصير في منصبه ، إلا أنه نجح نجحا عظيما ، و فهمت الآن معنى الحكمة التي تقول ( يستطيع ممثل دولة أن يجعلها محبوبة إذا كان هو محبوبا ، و يستطيع أن يجعل دولة ثقيلة الدم إذا كان هو ثقيل الدم ) .
و قد استدعت وزارة الخارجية نائب القنصل ( الأستاذ حمدي ) ، و قد أسفت لذلك أصدقاؤه العديدون هنا و سمعت بنفسي سيدة تركية تقول له : -
- لقد شرفت مصر كثيرا . . .
محمد التابعي