meta name='verify-v1' content='ZReoKhyj7ixYbBIg3hfD+0FFKV/CWqZBpHaXFbJmO3s=' > Mohamed El Tabei "Prince of Journalism": التركية ترقص و تصلي (و احاديث أخرى ) : بقلم محمد التابعى

08‏/11‏/2009

التركية ترقص و تصلي (و احاديث أخرى ) : بقلم محمد التابعى

التركية ترقص و تصلي (و احاديث أخرى ) : بقلم محمد التابعى


استانبول – بالتلغراف – 3 مايو 1945

بين كل ثلاث نساء تراهن في استانبول لابد أن تجد واحدة منهن أميرة ، و غالبا ما تكون هذة الأميرة رومانسية ، حسناء ، شقراء ، فيها فتنة و سحر و جمال ، و يبدو عليها بسبة من نعمة ، و اثر من مجد قديم و تجد كل واحدة من هؤلاء الأميرات عليها مسحة من العظمة ، كذكرى أيام ذهبت و غالبا لن تعود .
مسكينات أنهن يعشن في الأمل و الخيال ، هؤلاء هن الحالمات اللاتي تحسب الواحدة منهن أن المعجزة ستحدث و تعود لها الثروة و المجد و القصور الضخمة و الخدم و الحشم . . . أما الأميرات الذكيات اللاتي يعرفن حقيقة الحال ، و يعرفن أن الأرستقراطية لن تعود إلي رومانيا من جديد ، فهن يعشن مغمضات العيون ، يحملن بالماضي و ما فيه من مجد و بذخ و لهو .
قالت لي واحدة منهن أنها كانت من أصدقاء الماريشال أنطونكور ذلك الدكتاتور الذي أحنى له الرومانيون رءوسهم ، و الذي ظن إن الدنيا أقبلت عليه و لن تذهب .
و الذي كان يحسب أن يحمله باق على الزمن ، و انه في رومانيا و انه أقوى من هتلر في ألمانيا و من موسوليني في ايطاليا . . . و في غمضة عين هوى الديكتاتور . . . و تلفت لم يجد نصيرا . . . و انقلب الشعب الهاتف بحياته إلي هاتف بسقوطه . . . و تحول حراسه إلي سجانيه ، و اضطرت محدثتي الأميرة أن تهرب من المدينة ، ثم من البلد كله خشية غضب الجماهير و لم تأخذ معها إلا المجوهرات و الفراء . . .
و لكنها بدأت تبيع مجوهراتها لتعيش . . . و سيأتي يوم قريب لا تبقى لها إلا الذكريات ، و هي لهذا تريد أن تبحث عن عمل . . . و قد فكرت أن تبيع أخر ما تملكه من المجوهرات لتفتح مطعما في استانبول ، و لكني اقترحت عليها أن تفتح مطعما في القاهرة و أكدت لها أنها ستنال نجاحا عظيما . . . و تصور لو فتحت محلا ( للحاتي ) و جلست سمو الأميرة على الكيس ، فإن كثيرا من أبناء الذوات في مصر سيفضلون أن يأكلوا اللحم غير الجيد من يدي صاحبة السمو الملكي ، على أن يأكلوها من يد المعلم محمود في محل الحاتي المعروف ، و من يعرف لا يمضي على سموها في المحل بضعة أسابيع ، و يتقدم أحد شبابنا الوارثين و يحبها و يتزوجها . . .
لأن كثير من الوارثين عندنا يحبون الألقاب الضخمة و الأسر العريقة ، حتى و لو كانت صاحنتها لا تملك من حطام الدنيا إلا محل يبيع الكفتة و الكباب.

المدينة الجديدة
------------------
و بلا شك أن أكبر نجاح لنهضة الأتراك أنها حولت المرآة التركية من حياة الحريم إلي حياة المرآة الجديدة ، أنك تجد التركيات عاملات في المحلات التجارية و موظفات في البنوك و موظفات بكثرة في الحكومة ، و تدخل الجامعات فتجد مئات الفتيات إلي جانب الشبان ، لا تجد حجابا واحدا فوق الوجوه ، و في تركيا أكثر من عشر نساء عضوات في البرلمان . . . و تجد طبيبات معروفات و عالمات . . . و أستاذات في الجامعة و ندخل محلات الرقص فنجد فتاة تركية تراقص شابا تركيا دون أن يحمر وجهها خجلا و دون أن تتلفت يمينا و يسارا خشية أن يضبطها أبوها أو أخوها في هذا الوضع المعيب .
و لكن لاحظت أن بعض الأسر القديمة في الريف – و هذا بنسبة واحد في الألف لا تزال تعارض في هذا ( المودرترم ) ففد كنت أزور أمس أسرة تركية من أقدم أسر استانبول ، فلاحظت أنها لم تتأثر كثيرا بما تراه خارج البيوت . . .
لا تزال الفتيات تحمر وجوههن عندما يلتقين بشبان أغراب ، و لا تزال نجد فتاة تحني رأسها إلي الأرض و هي تتحدث إليك . . . بل لقد حدث أن تقدم أحد الوزراء المفوضين الأجانب معنا في السهرة و أراد أن يقبل يد سيدة تركية كبيرة السن كما جرت التقاليد الأوربية ، و إذا بالسيدة التركية تسحب سريعا و تقول بالتركية .
أستغفر الله أفندم – أستغفر الله .
و أحب أن أقول إن هذا في الأسر الريفية و هي أقلية تافهة ، أما أسر العمال و الطبقة المتوسطة نزعت الحجاب و أصبحت المرآة التركية لا تقل حرية عن المرآة الأوربية و لاحظت شيئا أخر ، أن السفور لم يغير من تمسك الأتراك بالدين ، فقد رأيت فتاة ترقص في أحد الملاهي و في الوقت نفسه تصلي ، و عجبت عندما قالت لي : أنها لا تجد تعارضا بين الرقص و الصلاة ، بل يقولون هنا – أن الاختلاط رفع مستوى الأخلاق .
و كان من السهل على الشباب أن يقبل فتاة متحجبة من أن يقبلها بعد أن رفعت الحجاب ، بل أكثر من ذلك يقولون أن نسبة سقوط الفتاة في العهد الماضي كانت أكثر كثيرا مما هي الحال الآن حيث استطاعت الفتاة أن تحافظ على نفسها بفضل تعودها الاختلاف و بفضل تعليمها ، و جلست ذات ليلة مع سيدة تركية كبيرة تدعى صباح هانم ، فقصت علي قصة أتاتورك مع عبد الملك حمزة بك وزيرنا المفوض في أنقرة سابقا ، و ذكرت لي ذات يوم كانت المفوضية المصرية تحتفل بعيد ميلاد الملك فؤاد ، و في صباح اليوم أصيب عبد الملك بك في حادث سيارة ، فلما علم رئيس الجمهورية بالحادث أسرع إلي المفوضية فقابله عبد الملك بك و هو مربوط الرأس ، فقال له رئيس الجمهورية : أذهب أنت إلي الفراش لأنك في حاجة إلي الراحة ، و أنا الذي سأتولى استقبال المدعوين إلي المفوضية نيابة عنك . .
و هكذا بقي أتاتورك في المفوضية يستقبل المدعوين ، يعاونه في ذلك توحيد السلحدار بك السكرتير الأول بالمفوضية .
قلت لها : - كان أتاتورك رجلا عظيما . . .
قالت : نعم . . . إنه عرف كيف يكسب إعجاب الجميع و حبهم و احترامهم .
۞۞۞

الغلاء في تركيا .
-------------------
و تشبه استانبول القاهرة في أنها تعاني أزمة إطارات السيارات ، و في أن الصحفيين يشكون من قلة الورق و كثرة القراء ، و يبلغ ثمن كيلو اللحمة العحالي جنيها مصريا .
و كنا نسمع أن الأدوية الألمانية موجودة في تركيا بكثرة ، و كنا نكلف أصدقاءنا الذين يسافرون إليها بإحضار الأدوية ، التي أخنفت من أجزخانات مصر و لكني فوجئت بأن الأدوية الألمانية اختفت .
و قد كان معالي حنفي محمود بك وزير التجارة يقول دائما : أنه يريد أن تسافر إلي تركيا لاستحضار الأدوية الألمانية التي تعود عليها و أظن أنه لا داعي لحضوره الآن .
۞۞۞

المصريون في تركيا .
-----------------------
و يقيم في تركيا الآن عدد من المصريين أو عدد من الشخصيات اللاتي كانت تقيم في مصر . . فهنا توجد بلقيس ملكة الجمال التركية التي تزوجت في وقت ما من قيلليني فهمي باشا ، و هي تروي عن مصر حكايات تشبه حكايات ألف ليلة و ليلة ، . . و هي تريد أن تعود إلي مصر و لكنها لا تجد طريقا للعودة . . .
و يقيم أيضا هنا أبو بكر راتب بك الرياضي المصري المعروف ، و يتحدث التركية بطلاقة كأنه تركي قح . . .
و قنصل مصر في استانبول هو الأستاذ علي مرعي ، و مع أنه لم يمض عليه سوى وقت قصير في منصبه ، إلا أنه نجح نجحا عظيما ، و فهمت الآن معنى الحكمة التي تقول ( يستطيع ممثل دولة أن يجعلها محبوبة إذا كان هو محبوبا ، و يستطيع أن يجعل دولة ثقيلة الدم إذا كان هو ثقيل الدم ) .
و قد استدعت وزارة الخارجية نائب القنصل ( الأستاذ حمدي ) ، و قد أسفت لذلك أصدقاؤه العديدون هنا و سمعت بنفسي سيدة تركية تقول له : -
- لقد شرفت مصر كثيرا . . .
محمد التابعي




ليست هناك تعليقات: